مؤشر الديمقراطية : يرصد آداء الرئاسة في عام وملاحظات على خطاب كشف الحساب



لما كان "مؤشر الديمقراطية DEMO-METER " هو عمل بحثي يهدف بالأساس لبناء حالة من الوعي العام حول سبل الإدارة والحكم للدولة ولكافة مؤسساتها و آلية للتواصل بين كافة الشركاء لبناء رؤي ذات مرجعية علمية حول الوضع الراهن للديمقراطية في الدولة ، فإن المؤشر قد عجل بإصدار تقريره الخاص عن الآداء الرئاسي خلال العام الأول من حكم ممثل الإخوان في القصر الجمهوري ، بهدف تحقيق مبدأ الحالية في تقديم المعلومة بشكل يجعل من توقيت تقديمها حافزا لآداء وظيفة المؤشر الأساسية .
لقد وضع المؤشر 10 معايير أساسية إستند عليهم في تحديد وجهة نظره حول ديمقراطية آداء المؤسسة الرئاسية من عدمه وتتمثل تلك الأسباب في التالي :


v    إستقلال القرار الرئاسي من عدمه .
v    إرتباط القرار السياسي بالوعود/البرنامج الرئاسي أو خطة إستراتيجية واضحة .
v    علاقات الرئاسة بمؤسسات الدولة وسلطاتها .
v    علاقة الرئاسة بالمواطن المصري .
v    مدى إحترام القرار الرئاسي للدستور والقانون .
v    مدى تطبيق المؤسسة الرئاسية لمعايير الشفافية والنزاهة .
v    مدى إحترام الرئاسة لحقوق الإنسان من عدمه
v    طبيعة الخطاب السياسي للرئيس .
v    المؤسسة الرئاسية وعملية التحول الديمقراطي .


وسوف يعرض التقرير في السطور التالية نتائج رصد وتحليل قرارت وسياسات وإجراءات و أنشطة الرئاسة وماهية رؤيته لها .
أولا : فيما يخص القرار الرئاسي :

أصدر رئيس الجمهورية خلال العام الأول من فترته الرئاسية الأولى 237 قرارا رئاسيا مثلت 33.75% منها قرارات تتعلق بوظائبف بالدول ( تعيين – ترقية – نقل – إنتداب .. الخ ) مثلت 50% منها قرارات تتعلق بالوظائف الخاصة بالمؤسسات القضائية ، في حين جاءت القرارت المالية في المرتبة الثانية بنسبة 16% من القرارت، بينما مثلت القرارات الخاصة بالعلاقات الخارجية 11.8% من القرارات ، أمام القرارات التشريعية فإستحوذت على 8.9% من قرارات الرئيس في حين مثلت القرارات الخاصة بتنظيم وهيكلة مؤسسات الدولة 6.3% ، و استحوذت القرارات الخاصة بمنح الأوسمة 5.5% من القرارات ، أما القرارات الخاصة بالمؤسسة التشريعية فقد مثلت 3%،  بينما تم تمثيل قرارات العفو الرئاسي بنسبة 2.1% ، وتتساوى معها في النسبة القرارات الخاصة برد فعل الرئاسة على الأزمات مثل قرارات فرض الطواريء على محافظات ومدن القناة.
وعكست قراراته السمات التالية :
أولا : غياب مباديء المشاركة في صناعة وإتخاذ القرار الرئاسي ( الإنفراد بالقرار ) : عكست قرارات الرئاسة المصرية حالة من الإنفراد التام للرئيس وحزب الجماعة الحاكم بصناعة القرار الرئاسي الذي لم يشرك فيه أية قوى سياسية أو حزبية أو سلطات الدولة غير المسيطر عليها من قبل الجماعة، مثل قراراته الخاصة بقانون الجمعيات الأهلية و قرض صندوق النقد وغيرها من القرارات فيما شكل توجها عاما منذ البداية للإنفراد بالسلطة وتكرار نفس الحقبة تجربة الرئاسية للحزب الوطني المنحل .
ثانيا : عشوائية القرار السياسي : حيث لم ترتبط قرارات مؤسسة الرئاسة بأي شكل من الأشكال بالوعود الرئاسية قبل تولي المنصب أو بالبرنامج الإنتخابي أو بخطة إستراتيجية ممنهجة ، ولكنها عكست سيل من قرارات التعيين والتنظيم العشوائي لمؤسسات الدولة وخاصة فيما يتعلق بإنشاء سفارات بالخارج في الوقت الذي تمتلك فيه مصر أكبر عدد من السفارات في العالم وفي نفس الوقت الذي تعاني فيه الدولة من أزمات إقتصادية طاحنة لا تتحمل التكاليف الدبلوماسية الباهظة.
ثالثا : تجاوز حدود السلطة وإهانة الدستور  والقانون: 
حيث مثلت القرارات الرئاسية منذ بداية العام الاول للرئيس تصادما واضحا مع السلطة القضائية و غيابا تاما لإحترام أعلى سلطات الدولة حيث بادر بإقرار 3 إعلانات دستورية مكممة ألغت حكم المحكة الدستورية العليا الخاص ببطلان مجلس الشعب، وثانيهما تمثل في قرار إقالة النائب وتعيين نائب عام جديد، أما القرار الثالث كانت محصنة لقراراته وإعلانته بشكل فج مثل إستهانة كاملة للمؤسسة القضائية وللقانون والدستور المصري والعهود والمواثيق الدولية.
رابعا : إستخدام القرارات لتصفية حسابات حزبية وتحقيق مصالح حزب الجماعة الحاكم : مثلت قرارات العفو الرئاسي عن فصيل كبير من المحكوم عليهم في قضايا جنائية والمنتمين لتيار الإسلام السياسي، بالإضافة لقرارت تخصيص الأراضي والتعيين و قرارات الصراع مع السلطة القضائية والمجتمع المدني نموذجا هاما لتوجهات الرئاسة حول تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين والمدنيين لصالح تحقيق مطالح وأهداف الحزب الحاكم .
خامسا : قرارات غير مدروسة إقتصاديا : كانت قرارات الرئاسة و ردود الفعل عليها حتى من وزراء السلطة التنفيذية تعكس صورة واضح لخلو تلك القرارات من أي دراسة أو حسابات تتعلق بضمان تنفيذها وخاصة فيما يخص العلاوات والمكافآت بالمرتبات والأجور والمعاشات وهو ما وضع الحكومة في مأزق ترتب عليه عدم قدرة النظام على تنفيذ العديد من تلك القرارات وهو ما عكس تخبطا واضحا في قرارات الرئاسة .
سادسا : غياب احترام حقوق الإنسان : مثلت قرارات فرض الطواريء وحظر التجوال في محافظات ومدن القناة تحد سافر من قبل المؤسسة الرئاسية للقوانين والتشريعات الدولية المنظمة لحقوق الإنسان خاصة في ظل الوقت الذي فقدت فيه تلك المدن العديد من الأرواح والممتلكات العامة والخاصة مثل القرار الرئاسي مزيدا من العبء والإنتهاك لحقوق هذا القطاع البالغ الأهمية جغرافيا وبشريا و استراتيجيا ، كما مثل مشروع القانون المقدم من الرئاسة حول تنظيم المجتمع المدني تدخلا سافرا في العمل الأهلي بما يجعل المنظمات الحقوقية مقيدة ومكبلة تحت الحكم الاخواني بشكل يؤثر بقوة على حالة حقوق الانسان في مصر .
سابعا : جانب كبير من القرارات لم يتم تنفيذها : عكس جانب كبير من القرارات الرئاسية شكلا من أشكال الغياب الواضح في متابعة تنفيذ تلك القرارات على أرض الواقع وخاصة فيما يتعلق بقرارات الإتفاقيات الإقتصادية و القرارات الخاصة بإنشاء الجامعات أو الموافقة على انشاء الجامعات ، بشكل يوضح إنها قرارات جاءت لبيان حالة من النشاط المفرغ المحتوى والإنجازات الشكلية .
 ثانيا: التحركات الإقليمية والدولية لمؤسسة الرئاسة :
قام رئيس الجمهورية بـ 18 تحركا/زيارة إقليمية ودولية شملت خمس قارات ( أفريقيا وأسيا وأمريكا الشمالية و الجنوبية وأوروبا) حيث مثلت الزيارات للقارات الأمريكية والأوروبية 33.4% من حجم الزيارات بواقع 6 زيارات ، بينما تساوت الزيارات التي قام بها لكل من منطقة الخليج والوطن العربي ، و القارة الأفريقية ، و أسيا بنسبة 22.2% من حجم الزيارات بواقع أربع زيارات لكل منطقة/قطاع .
ملاحظات المؤشر على التحركات الإقليمية والدولية لرئيس الجمهورية خلال العام :
1.  مثلت التحركات في ثلثها الأول ( 6/18 تحرك بنسبة 33.33% ) رد فعل لحضور مؤتمرات وإجتماعات دولية و إقليمية بالأساس حيث مثلت ثلاث زيارات من أصل أربع قام بها الرئيس  لدول الوطن العربي ومنطقة الخليج كرد فعل لدعوات مؤتمرات القمم، مثل مؤتمرات القمة الإسلامية و الدورة العادية للقمة العربية ، في حين مثلت ثلاث زيارات من أصل اربع قام بها الرئيس للمنطقة الأفريقية كرد فعل لإجتماعات وإحتفالات حيث حضر الرئيس القمة الأفريقية و تجمع البريكس بالإضافة للمشاركة في العيد الـ50 لإستقلال أوغندا ! في تحركات تفرضها الأجندة الإقليمية والدولية ولا تعكس أي نجاحات و إن كانت تعكس العديد من إخفاقات الرئاسة التي عكستها تصرفات الرئيس والتي سوف نسردها في نقاط تالية .
2.  ركزت كافة الإجتماعات على طلب المساعدات الإقتصادية بشكل عكس لكافة دول العالم وضع مصر المزري كما عكس صورة للدولة المتسولة، حيث بداية من أولى زيارات الرئيس للسعودية وطلبه مساعدات اقتصادية ثم تصريحات الرئاسة بنصف مليار دولار من المساعدات السعودية ومليار كوديعة في شكل كانت تعتبره الرئاسة إنتصارا ، في حين كان الأمر جليا في طلب المساعدات من دولة الصين التي صرحت الرئاسة بكم عربات الشرطة و الملايين التي تبرعت بها الصين لمصر ، وهكذا كان التسول العلني والواضح هو الشعار الأول للزيارات الدولية حتى في الزيارات التي جمعت الرئيس بزعماء وقادة ورؤساء وملوك في المحافل الإقليمية والدولية المختلفة .
3.  مثلت إستقبالات رئيس الجمهورية إهانة واضحة لتمثيل الشعب المصري ورئيس الدولة بعدما كانت استقبالاته تتم من قبل العمد مثلما حدث في روسيا أو وزيرة التعدين في أثيوبيا أو نائب أمير في قطر بينما يستقبل الرئيس في القاهرة رؤساء أحزاب أو جماعات أو رؤساء جمعيات بشكل وضع المكانة الدبلوماسية لمؤسسة الرئاسة المصرية في مأزق أهان الشارع و الدولة المصرية دون أدني تحرك من مؤسسة الرئاسة.
4.  التناقض الواضح بين زيارات الرئيس و بيانات مكتبه الإعلامي حول مدى الإستفادة من تلك الزيارات وبين التناقص في حجم الإستثمارات مع الدول التي زارها ، حيث كشف البنك المركزي تناقص الإستمارات من الدول التي زارها الرئيس في الربع الثاني للسنة المالية 2012-2013 وهي دول( إثيوبيا والسعودية والصين وإيران وإيطاليا وبلجيكا وتركيا ونيويورك وأوغندا) في شكل يعكس نوعا من التضليل أو التناقض بين التصريح والواقع ويكشف عن فشلا رئاسيا واضحا في الملف الإقتصادي .
5.  الغياب التام في الشفافية حول المعلومات التي تعلنها الرئاسة حول البرتوكولات و العقود التي تعلن المؤسسة الرئاسية عقب كل زيارة أنه تم توقيعها، حيث لم تنشر المؤسسة الرئاسية أيا من تلك العقود أو البروتوكولات ولم تحدد مواعيد العمل بمعظمها وتركت الأمر للبيان الرئاسي بشكل يشكك في مصداقيته و يؤكد حالة من الغموض في البيان الرئاسي .
6.  بعض الزيارات مثلت ردود افعالها تهديدا و توترا للعلاقات مع البلدان التي تم زيارتها ، حيث مثلت زيارة الرئيس لروسيا و ألمانيا نموذجا واضحا لأزمة حقيقية خلفتها تلك الزيارات، حيث عكست مشكلة القمح الروسي و المعونات الألمانية توترا واضحا في العلاقات وخاصة بعد رد فعل الرئاسة بحملة كاذبة تماما عن إرتفاع نسبة محصول القمح، اما فيما يخص ألمانيا فإن الأخبار الخاصة بدعمها لأنشطة خاصة بتحجيم تنامي تيار الإسلام السياسي في المنطقة العربية دليل حي على مدي توتر العلاقات وكذلك تصريحات وزيرة الخارجية اللاذعة حول تقديمها النصائح لرئيس الجمهورية حول كيفية إدارت الدولة .
7.  رغم أن الحصول على منح ومعونات إقتصادية كان الهدف الرئيسي المعلن من الزيارات إلا أن زيارات الرئاسة لم تشمل دولا هاما لديها العديد من الأرصدة الخاصة بالنظام السابق مثل سويسرا والمملكة المتحدة ، في حين يذهب الرئيس لباكستان وإيران والهند ويتحدث في منح و علاقات إقتصادية !
8.  عشوائية الزيارات كانت سمة هامة لها ، حيث لم تقم الزيارات على منهج واضح ومحدد ولكنها مثلت جانبا من عشوائية التخطيط للأنشطة الرئاسية وكانت تعتمد بالأساس على الصدفة أو الترتيب الغير مخطط .
9.  التكلفة المرتفعة لزيارات المؤسسة الرئاسية ، حيث في أغلب الزيارات يصاحب الرئيس مجموعة كبيرة من الوزراء والمسئولين و كذلك سبق العديد من الزيارات الرئاسية مجموعة من الزيارات التمهيدية من قبل بعض المسئولين الذين تتراوح مدد تلك الزيارات التمهيدية من 4 – 7 بشكل غير متعارف عليه في الأعراف الدولية ويثير التساؤل حول التكلفة الإقتصادية المرتفعة لتلك الزيارات .

ثالثا : ملاحظات المؤشر على التحركات الداخلية لرئيس الجمهورية خلال عام :
رصد مؤشر الديمقراطية التحركات الداخلية التي قام بها الرئيس في إجتماعاته و زياراته و غيرها من الأنشطة والفاعليات والتي إتسمت بالآتي :
أ‌.    محاولة المؤسسة الرئاسية القفز على أية إنجازات حتى وإن كانت وهمية مثل حملة زيادة محصول القمح وزيارة الرئيس المتعلقة بذلك أو لا ترتقي لصفة الإنجاز مثل إفتتاح الرئيس لوصلة مرورية و مصنع للمكرونة أو لم يقم بها الرئيس في عصره الحالي بل كانت اتفاقات مبرمة منذ الرئيس السابق مثل مشروعات مترو الأنفاق .
ب‌.   التحركات الإقصائية للرئيس والتي دائما ما تكون لجماعته ومحبيه وبشكل يعكس صورة من صور الدعايا و الخطاب الإقصائي أكثر من كونها تحركا له أهداف محددة و يرتقى لمنزلة رئيس يخاطب شعب ، لكنه عوضا عن هذا طبق سياسة الرئيس الذي يخاطب جماعته مثل خطاب استاد القاهرة الأخير .
ت‌.   زيارات الرئيس المعدة مسبقا والتي سبقها التجميل والتطوير مثلما حدث في الصعيد وفي زيارته لمصنع حلوان وغيرها من الزيارات عكست تكرارا واضحا لبيروقراطية الزيارات الرئاسية واستباق الترتيب بشكل لا يعكس الواقع وهو ما حدث في زيارته للصعيد ولمزارعي القمح .
رابعا :الخطابات الرئاسية :
عشرات من الخطابات الرئاسية التي ألقاها رئيس الجمهورية في محافل عدة وكانت أحد أهم جوانب إخفاق المؤسسة الرئاسية وأحد أول الإنتقادات وأكثرها التي وجهها الشارع المصري للمثل جماعة وحزب الإخوان المسلمون بالقصر الجمهوري بعد تاريخ بالعمل السياسي امتد لـ 80 عاما ، هنا سوف يعرض المؤشر ملاحظاته الخاصة بخطابات الرئاسة عامة ومناقشة بلخطاب الرئاسي الأخير والذي حمل شعار كشف حساب عام من الرئاسة بشكل خاص .
أولا : فيما يخص الملاحظات العامة على خطابات الرئيس :
1.  أنها جاءت في معظمها خطبا عاطفية لا تحمل معاني سياسية أو تعبر عن خطط وإستراتيجيات وإنما ركزت بالأساس على الجانب العاطفي للمواطن المصري .
2.  حملت تلك الخطب ألفاظا ومصطلحات لا ترتق للمنصب الرئاسي ومثلت في حد ذاتها إهانة للمنصب و كادت أن تعرض الرئيس لمسائلات قانونية .
3.  خلت تلك الخطابات من الإعداد المسبق الجيد بشكل جعلها تحمل العديد من التجاوزات و الأخبار و المعلومات غير الصادقة مثلما جاء فى خطبة الإتحادية وإعلانه عن معرفته الكاملة بالمتهمين و المحرضين و خلافه من معلومات كانت محل تحقيق لكن الرئيس قد أصدر فيها معلوماته وحكمه الخاص .
4.  عكست سطحية غير مقبولة لثقافة الرئيس على الرغم من درجته العلمية وخبرته العملية، لكن خطابه حمل العديد من الأخطاء اللغوية العربية واللغوية الإنجليزية ومثل مزجه بينهما إستخفافا بقيمة الخطاب الرئاسي، كما كانت أخطائه فيما يتعلق بالإستعانة بأبيات الشعر والأدب و مواقف التاريخ وغيرها تمثل سطحية تامة للمعلومات والثقافة .
5.  مثلت خطابات الرئاسة أحد أوجه تغيير صورته لدى منتخبيه بعدما تعددت إخطائه فيما بتعلق بإستعانته بآيات من القرآن الكريم، حيث إهتزت صورة الرئيس الحافظ للكتاب المتدين بالفطرة .
6.  خلت الخطابات من مصادر علمية وأرقام و أدلة وبراهين وإعتمد على الإستطراد غير المبني على أية أدلة ولا براهين و يسهل وصفه بموضوع للتعبير .
7.  عكست خطبة أديس ابابا عدم إلتزام الرئاسة بأية معايير للخطاب الدبلوماسي بشكل جعل لأول مرة في التاريخ يتم قطع الكلمة عن رئيس مصري في محفل اقليمي او دولي وهو ما شكل إهانة للمنصب وللدولة.
8.  حملت العديد من الخطابات عبارات التهديد والوعيد للمعارضين لسياسات الجماعة أو الرئاسة بشكل خلق عداءا متواصلا بين الحركات والقوى المعارضة وبين الرئاسة .
9.  مثلت خطاباته في حد ذاتها شكلا من أشكال الإقصاء خاصة عندما كانت تعد احيانا و خصيصا عندما تقع مشكلات يتضرر فيها حزبه و جماعته بينما يلزم الصمت في العديد من الأزمات التي يتعرض لها شركاء الوطن .
ثانيا : خطاب كشف الحساب :
عكس الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية والخاص بكشف حساب الإنجازات والإخفاقات الرئاسية في عامها الأول خللا و ضعفا رئاسيا واضحا شكلته الأسباب والعوامل التالية :
1.     خطاب استمر لمدة 156 دقيقة كأحد أطول خطابات الرؤساء المصريين عبر التاريخ .
2.  شمل 98 تصفيقة بواقع 3 تصفيقات كل 5 دقائق بشكل جعل منه حوارا من أجل الدعاية الرئاسية والحزبية البحتة وسط أنصاره ومعاونيه، وإكساه التصفيق الحاد شكلا من أشكال الخطابات الرئاسية للنظام السابق .
3.     لأول مرة تحمل خطابات الرئيس أو جماعة الإخوان صيغ الإعتذار في خطاب رسمي .
4.  حمل الخطاب تناقضات واضحة تمثلت في ثنائية الإعتذار تارة و إلصاق الإتهامات لأطراف أخرى بالتسبب في كافة المشكلات تارة أخرى بشكل جعل المؤشر يتساءل عن ماهية أسباب الإعتذار في الوقت الذي يرى فيه الرئيس أنه لم يخطيء وتمثلت تلك السمة في النقاط التالية :
ý   أن الشباب المصري نزل في الميادين ليس لفشل الرئيس ولكن لفشل الأحزاب السياسية في إحتوائه وإحتواء طاقاته وتحويلها لطاقة إيجابية .
ý   أن الجماعة لا تنفرد بالسلطة ولكن المعارضة هي من لا يرغب في الحوار أو التعاون مع الرئاسة وترفض كافة المناصب التي تعرض عليها .
ý     أن المشهد الحالي لا يمثل غضبا على الرئاسة ولكنه يمثل مشهد عبثي يختلط فيه أعداء الثورة مع الثوار .
ý   رغم ان الجميع يرى الإنقسام في الشارع المصري ، لكن الرئيس يوضح خطأ نظرتهم ويصف الشارع بأنه منقسم فقط بين المؤيد والمعارض وهذا أمر طبيعي في نظرته الخاصة للأمور .
ý     أن أزمات الطاقة مفتعلة و أن النظام السابق و العملاء والمحرضين هم سبب إفتعالها وأنه لا توجد أزمة حقيقية .
ý   أن الفشل في استرجاع أي أموال من الخارج جاء نتيجة عدم تعاون الدول نفسها لأن الرئيس يمنعها من التدخل في الشئون الداخلية .
ý     أن أسباب فشل السياحة تكمن في الطرف الثالث والإعلام .
ý     أن المظاهرات لا تعبر عن مشكلات الشارع وأنها تعبر فقط عن العقبات و الخطط المفتعلة لإفشال الرئيس .
5.   إستخدام نفس عبارات التخوين والعمالة التي كان يستخدمها النظام السابق في تكريس لسياسة إقصاء المعارضة وتشويه صورها وإلقاء اللوم عليها .
6.  إستخدامه خطابا تشهيريا ببعض معارضيه بشكل يعكس حجم الإستهانة بالنظام القانوني للدولة ، حيث سرد الرئيس مجموعة من الإتهامات لأسماء بعينها من المسئولين السابقين و القضاة وغيرهم و أصحاب القنوات في شكل واضح لإستغلال المنبر الإعلامي الذي وفره المنصب الرئاسي في أغراض انتقامية تعرض الرئيس للمسائلة القانونية ، في وضع يعكس إستهانة واضحة بالقانون وبسلطات الدولة .
7.  حمل الخطاب جملة من التهديدات للمعارضين وغيرهم بشكل جعله يهدد بالمحاكمة العسكرية لمن يتعدوا عليه مكررا أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو في حد ذاته إنتكاسة للحريات والحقوق .
8.  ركز الخطاب على التعمد الواضح في إظهار السلطة القضائية في وضع فاسد يلزم تطهيره وكذلك إلصاق الإتهامات بتورطها في إفلات رموز النظام السابق من المحاكمة و تسببهم في الزج بالوطن في صراعات .
9.  مثل جانب كبير من الخطاب اتهامات واضحة للنظام السابق و للمرشح السابق الذي خسر في الجولة الأخيرة أمام الرئيس بشكل كان يعكس الرغبة الواضحة في إلصاق أسباب الفشل بهم وكذلك تصفية الحسابات والخلافات مع أحمد شفيق .
10. التلاعب بأرقام إقتصادية بشكل عكس توجه لإستغلال بعض القصور المعرفي للكثير من المواطنين بالمعلومات الإقتصادية، خاصة عندما عرض حجم الزيادات في المرتبات والمعاشات وغيرها و عندما إدعي أنها تعادل زيادات 60 عاما مضت دون أن يتطرق لأية حقائق أو يتطرق للأزمة التي وضعها لحكومته في كيفية الحصول على المبالغ اللازمة لسداد تلك الإلتزامات أو لحجم المديونيات التي ستتحملها الدولة نتيجة قراراته الإنفعالية غير المدروسة .
11. أخطأ الرئيس في العديد من الأرقام الإقتصادية المذكورة وخاصة في الزيادة لميزانية التعليم والصحة و المخصصات الخاصة بسيناء حيث عكست الموازنة تقلصا في ميزانيات التعليم والصحة لا زيادة بها بالإضافة لحساب حجم التضخم و القيمة الشرائية الحالية للجنيه و حجم ومتطلبات الدعم المالي الخاص بكادر الأطباء وغيرها .
12. إعتمد الرئيس في وضع غطاء لمديونياته المرتفعة بشكل لم يسبق في عام واحد على المقارنة بالرؤساء السابقين في محاولة منه للإفلات من الحساب وفي تجاهل تام منه لحجم المديونات الداخلية والخارجية التي خلفها حكمه في عام حيث اقترض الرئيس 11 مليار دولار من الخارج بالإضافة 278.5 مليار جنيه من الداخل .
13. ذكر الرئيس انخفاض البطالة بنسبة 1% بينما ارتفعت البطالة بنسبة 1% على أقل تقدير لتصل من 12.5% - 13.5% في عامه الأول ، كما لم يذكر معدل التضخم بعدما انخفض قيمة الجنية مقابل الدولار ليصل من 0.16 – 0.14 .
14. مثلت القرارات التي اتخذها الرئيس بنهاية خطابه أزمة في حد ذاتها إذ :
ý  مثل قرارا وحدة مكافحة البلطجة و قطع الطرق تحديا واضحا للحق في الإضراب والتظاهر بشكل يعكس محاولة لقمع مخالفيه، ولا يعطي أي حلول لمشكلات قطع الطرق التي أضحت ثاني وسيلة احتجاجية يستخدمها المتظاهرون للضغط على الدولة من أجل تحقيق مطالبهم .
ý  مثلت قرارات المصالحة الوطنية ولجنة التعديلات تحركات متأخرة تحمل صيغة محاولات لتهدئة الأزمة والظهور بشكل الرئيس الديمقراطي لكنها متأخرة بشكل يفقدها كافة إحتمالات التنفيذ .
ý  مثل قرار توكيل المحافظين في إقالة رموز النظام السابق و توكيل الوزير المختص في سحب التراخيص من بعض محطات البنزين تعديا واضحا على القانون بشكل يخالف نص الحكم المبطل لإبعاد رموز الوطني المنحل من العمل السياسي وكذلك تحديا بمنح سلطات للمحافظين تدخل في نطاق السلطة القضائية .
15. إستخدام عبارات السخرية والإستهزاء والإتهام بكثرة وبشكل يعكس كبرياء و غطرسة جوفاء لا تستند سوى على الخوف الواضح من الأحداث القادمة ومحاولة الظهور بمظهر القوة في مواجهة معارضيه لكنه استخدمها بشكل نم عن المزيد من الضعف وعدم إحترام المنصب الرئاسي وما يتطلبه من إحترام لكافة المواطنين والإنتماءات والفئات .
إن الخطاب الأخير للرئيس المصري إذ يعبر بقوة عن إستكمالا لمرحلة الفشل والإخفاق الرئاسي في الإستجابة لمتطلبات الشارع المصري وفي طبيعة قدرة الرئيس على إكمال فترته الرئاسية بهذا الشكل الضعيف الذي ظهر جليا للشارع المصري بشكل شجعه على المزيد من الإعتراض على قرارات الرئيس .
إذ يرى التقرير أن رئيس الجمهورية الحالي قد تجاوز في كافة مناحي إدارة الدولة بشكل ديمقراطي و فتح جبهات النار والخصومة مع معظم شركاء الوطن، وكان غير قادرا حتى عن الإعتراف بأخطائه أو إنتهاج أي مسارات جديدة لمعالجة الأوضاع القائمة، بل كان خطابه عاكسا لمدى غياب قدرته على تقبل الآخر أو إدارة دولة بحجم مصر أضحت في عهده دولة متسولة لا تمتلك من يمثلها وشعبها حق التمثيل .
شكرا لك ولمرورك